الفصل الرابع: أسواق تداول الأسهم

الجزء الثاني - سوق نيويورك للأسهم

سوق نيويورك للأسهم

يعتبر عام 1792 البداية الحقيقية لسوق نيويورك (New York Stock Exchange - NYSE) والذي فيه بدأ المستثمرون ببيع الأسهم وشرائها لأول مرة في الولايات المتحدة. واستمر هذا السوق بالتطور إلى أن سُجل رسمياً في عام 1817 ومن ثم أصبح منظمة غير ربحية في عام 1971؛ وقد بلغت إيراداته في عام 2000 حوالي 1.1 مليار دولار وتجاوزت أرباحه 200 مليون دولار، أي أن صافي الربح لديه يساوي حوالي 18% من الإيرادات ويعد ذلك جيداً.

معلومات مهمة

عند الدخول في سوق نيويورك للأسهم والذي يستقبل الزوار في كل يوم من أيام التداول سوف يفاجأ الزائر بما سيشاهده من فوضى وصراخ في قاعته الكبيرة التي يوجد بها بشكل يومي حوالي ثلاثة آلاف شخص من العاملين في السوق.

هيكل السوق والمقاعد

عند التمعن في طبيعة هذا السوق لا نجد أنه غامضاً بهذا الشكل. فهو يحتوي على 1366 مقعداً، بواقع مقعد واحد لكل عضو مسجل في السوق. وهذا الرقم ثابت ونادراً ما يتغير. وبالرغم من أن العاملين في السوق يبدون واقفين دوماً إلا أن عضويتهم هذه يطلق عليها مقعداً.

قيمة المقاعد

يختلف سعر المقعد من عام لعام حسب العرض والطلب، إلا أنه بلغ حوالي 2.5 مليون دولار في عام 2000؛ وفي عام 1990 كان حوالي 1 مليون دولار فقط، وعاد مؤخراً في نوفمبر 2005 ليصل إلى أعلى سعر له بلغ 4.5 مليون دولار! وسعر المقعد له دلالة على حركة الأسهم وإقبال الوسطاء والمتعاملين عليها، فكلما زاد السعر دل على إقبال كبير قائم أو قادم.

الأخصائيون ودورهم

معظم الأشخاص الذين تراهم في صالة التداول هم سماسرة تابعون لأعضاء السوق أو أنهم سماسرة مستقلون يتعاملون مع هؤلاء الأعضاء. ولكل سهم يتم تداوله في سوق نيويورك هناك شخص واحد يطلق عليه الأخصائي (Specialist). ويتواجد هذا الشخص في مكان يطلق عليه خانة التداول (Trading Post). فيه يقوم الأخصائي بمتابعة الأسهم لعدة شركات في وقت واحد.

ويوجد حوالي 400 أخصائي يعملون لصالح 7 شركات متخصصة في هذا المجال ومسجلة رسمياً في سوق نيويورك. يتمثل دورهم بتسهيل عملية البيع والشراء وإضفاء الاستقرار والاستمرارية لعملية التداول. حيث يقومون بمد السوق بالسيولة اللازمة لإنجاح عمليات تداول الأسهم الواقعة تحت اختصاصهم.

ملاحظة مهمة

هنا تجدر الإشارة إلى أن معظم الأسواق العربية لا يوجد فيها أخصائيون يعملون بهذا الشكل. ولا حتى صناع سوق كما سنرى في سوق نازداك. ويطلق بعض الناس على كبار المستثمرين والمضاربين مسمى صانع سوق وهذا خطأ، حيث إن صانع السوق أو الأخصائي هو شخص مرخص لهذا العمل ويلتزم بشروط وضوابط عديدة الهدف منها مد السوق بالمرونة والسيولة اللازمة في أي وقت من الأوقات.

قراءة أسعار العرض والطلب

لقراءة سعر السهم بشكل صحيح انظر الشكل 4-2 الذي يوضح مفهوم العرض والطلب من وجهة نظر المستثمر، حيث نرى هنا أن السعر الذي يمكن للمستثمر أن يشتري به الأسهم هو 50.25 دولاراً (سعر العرض) وأن السعر الذي يمكنه البيع به هو 50.20 دولار (سعر الطلب).

مثال على أسعار العرض والطلب

سعر العرض (Bid)

50.25$

السعر الذي يمكن الشراء به

سعر الطلب (Ask)

50.20$

السعر الذي يمكن البيع به

الفارق (Spread): 0.05$ (5 سنتات)

يبين الشكل 4-3 كيفية عمل قائمتي العرض والطلب، حيث نرى في الجهة اليسرى طابور أوامر الشراء، ونسميها جهة الطلب (أي طلب شراء السهم). وفي الجهة اليمنى نرى قائمة أوامر البيع، ونسميها جهة العرض (أي عرض السهم للبيع).

ترتيب الأوامر

  • أوامر الشراء: يتكون أمر الشراء من سعر معين وكمية معينة بحيث يوضع أعلى سعر في أعلى القائمة، ويسمى أفضل طلب.
  • أوامر البيع: يتكون أمر البيع من سعر معين وكمية معينة بحيث يوضع أقل سعر في أعلى القائمة، ويسمى أفضل عرض.

آلية التداول

لاحظ أن الوضع الحالي يشير إلى أن هناك من يود شراء 1000 سهم بسعر 50.20 دولار، وهناك من يود بيع 1000 سهم بسعر 50.25 دولار، فنقول أن الفارق (Spread) بين أفضل طلب وأفضل عرض يساوي في هذه الحالة 5 سنتات. وبذلك لا يوجد حالياً اتفاق على السعر، ولن تحدث أي صفقة حتى يأتي أمر جديد للشراء بسعر 50.25 دولار أو أمر آخر للبيع بسعر 50.20 دولار.

نقطة مهمة

تستخدم أحياناً كلمة "Bid" لتعني سعر العرض، بدلاً من كلمة "Ask". ولكن لتجنب التباس الاسم باللغة العربية حيث إن كلمة "Bid" تعني يطلب أو طلب وهذا يعكس المعنى المراد هنا. لذا فسوف نستخدم كلمة "Ask" والتي تعني يعرض أو عرض بدلاً من كلمة "Bid"، ونستخدم كلمة "Bid" لتعني الطلب.

إيقاف التداول

يقوم سوق نيويورك حالياً بالتدخل في التداول الإلكتروني عن طريق إيقاف التداول في حالة سقوط مؤشر داو جونز أو ارتفاعه لأكثر من 350 نقطة. ويقوم بإيقاف التداول بالكامل لمدة ساعة في حال سقوط مؤشر داو جونز بنسبة 10% أو أكثر، ويوقف التداول لمدة يوم كامل عند سقوط المؤشر بنسبة 20% أو أكثر.

آلية الحماية

هذه الآلية تهدف إلى منع التداول المبرمج من التسبب في انهيارات مفاجئة في السوق، كما حدث في يوم الاثنين الأسود في 19 أكتوبر 1987 عندما انخفض مؤشر داو جونز بنسبة 22.6% في يوم واحد، مما أدى إلى خسائر تقدر بـ 500 مليار دولار!

التداول المبرمج

التداول المبرمج هو نظام يتم فيه استخدام الحاسبات الآلية لتنفيذ أوامر البيع والشراء بشكل تلقائي بناءً على معايير محددة مسبقاً. وقد أدى هذا النوع من التداول إلى تسريع عمليات التداول وزيادة السيولة في السوق، ولكنه أيضاً قد يتسبب في تقلبات حادة في الأسعار عندما يتم تنفيذ كميات كبيرة من الأوامر في وقت قصير.

تأثير التداول المبرمج

في يوم الاثنين الأسود المذكور سابقاً، كان التداول المبرمج مسؤولاً عن جزء كبير من الانخفاض الحاد في الأسعار، حيث قامت الحاسبات الآلية بتنفيذ أوامر بيع ضخمة عندما وصلت الأسعار إلى مستويات معينة، مما أدى إلى مزيد من الانخفاض وهكذا في حلقة مفرغة.