بعد أن عرفنا كيف تتم عملية طرح الأسهم وإيجابياتها وسلبياتها للشركة المطروحة، نتساءل عن دور المستثمر الصغير في هذه العملية وعن مدى استطاعته الحصول على الأرباح الناتجة عن هذه العملية على ضوء ما نراه من نجاح مبهر لعمليات الطرح في السنوات الأخيرة؟
إن ذلك ممكن ولكن يجب أخذ النقطتين التاليتين بعين الاعتبار:
إن عملية الحصول على أسهم بسعر الطرح أمر في غاية الصعوبة نظراً لأن بنوك الاستثمار تحتفظ بهذه الأسهم لعملائها الكبار والمتداولين النشطين خصوصاً في حالات الأسهم ذات الشعبية العالية.
وبالتالي فإن معظم السماسرة لا يحصلون من قبل بنوك الاستثمار على عدد كبير من الأسهم المطروحة. وعند حصولهم على عدد معين منها فإنهم يبيعوها (بسعر الطرح طبعاً) لعملائهم الكبار نوعاً ما (ممن لا تقل حساباتهم عن مائة ألف دولار).
ليست جميع عمليات الطرح ناجحة، لذا فمن الأفضل تحري الدقة قبل اتخاذ القرار بالحصول على كمية منها عن طريق السمسار.
فعلى سبيل المثال تم طرح أسهم شركة Palm المذكورة سابقاً بسعر 38 دولاراً وبدأ السهم في يوم الافتتاح عند سعر 150 دولاراً، وارتفع إلى 165 دولاراً وأقفل عند سعر 95 دولاراً! وبعد عدة أسابيع هوى إلى أقل من 20 دولاراً أي بنسبة انخفاض عن أعلى سعر تجاوزت 88%.
هنا نؤكد على ضرورة معرفة الشركة المطروحة بشكل جيد وأسباب طرح الأسهم قبل الشروع في الدخول في ملكية الشركة. وهناك من يشتري أسهم الاكتتاب فقط إن كانت تدار من قبل بعض بنوك الاستثمار التي لها تاريخ جيد في انتقاء شركات الطرح الأولي.
تجنب تسليم طلب شراء بسعر السوق في حالة الطرح الأولي، وبالذات تجنب تسليم طلب الشراء قبل افتتاح السوق. هناك العديد من القصص المحزنة لحالات تم فيها الشراء بسعر يعادل أحياناً خمسة إلى ستة أضعاف سعر الطرح في اليوم الأول ومن ثم هبوط السعر إلى أقل من 50% خلال يوم أو يومين!
كما يجب الانتباه إلى أن هناك مدة معينة (عادة ستة أشهر) لا يسمح فيها للمؤسسين ومن لهم صلة بالشركة (Insiders) ببيع أسهمهم فيها، وتسمى بفترة الحجر على الأسهم. هذا يعني أنه بعد انقضاء فترة الحجر فمن الممكن أن تكون هناك حالات بيع كبيرة تؤدي إلى هبوط السهم.
نشير أخيراً إلى ما يسمى بالطرح الثانوي للأسهم (Secondary Offering)، أو ما يعرف برفع رأس المال، والذي يتم عندما تقوم الشركة بطرح أسهم إضافية في وقت لاحق من حياتها التجارية للحصول على ما تحتاجه من مال.
وتشبه هذه العملية عملية الطرح الأولي، ولكن ينظر عادة لها بشكل سلبي من قبل المستثمرين بالرغم من أن أسباب الطرح الثانوي قد تكون لها مبرراتها الإيجابية. فقد تكون الشركة بحاجة لدعم مشاريع أبحاث وتطوير أو شراء شركة صغيرة مكملة لها وهكذا.
ولكن تظل هذه العملية موضع امتعاض من قبل المستثمرين، كونها في واقع الأمر تؤدي إلى زيادة عدد الأسهم العائمة في السوق مما يؤدي بالتالي إلى انخفاض السعر. والسبب في ذلك يعود إلى أن قيمة السهم تعتمد على عدد أسهم الشركة التي في أيدي المالكين.
إلا أنه من المفترض أن تستفيد الشركة من التمويل الجديد وبالتالي تزداد إيراداتها وأرباحها في المستقبل. كما إن الشركات عادة تمنح المالكين الحاليين الأحقية في شراء الأسهم الجديدة، وبالتالي تمكينهم من شراء الأسهم الجديدة دون دخول ملاك جدد.
بدأت تنتشر في السنوات الأخيرة طريقة الاكتتاب المفتوح التي تعتمد في أسلوبها على أسلوب المزاد الهولندي (Dutch Auction) بدلاً من الطريقة التقليدية التي يتحكم فيها بنك الاستثمار بسعر الاكتتاب.
هذه الطريقة تتخلص كذلك من الأسلوب غير العادل في المتاجرة بأسهم الاكتتاب، والذي ينتج عندما يقوم من اشترى الأسهم بسعر الاكتتاب ببيعها في اليوم الأول بسعر عالٍ جداً، في أغلب الأحيان، على حساب من لم يحالفه الحظ بالحصول على الأسهم بسعر الاكتتاب.
الطريقة التي يعمل بها الاكتتاب المفتوح هي أن يقوم المستثمر عن طريق الوسيط بتحديد السعر والكمية التي يريد شراء الأسهم بها، ويتم ذلك بعد الاطلاع على وثيقة الطرح ومعرفة نطاق السعر المتوقع للطرح.
ويحق للمستثمر تغيير السعر والكمية متى شاء إلى قبل إغلاق باب المزاد بدقائق. بعد ذلك يكون السعر والكمية التي التزم بهما رسميان ولا يستطيع تغييرهما.
على سبيل المثال، لو أن شركة أرادت طرح مليون سهم بسعر يتراوح بين 10 إلى 20 دولاراً، فقد تكون نتيجة المزاد بعد الإغلاق كما يلي:
لذا يكون سعر الاكتتاب 15 دولاراً، وذلك نظراً لكون أقل سعر يمكن أن تباع به جميع الأسهم هو 15 دولاراً.
في كثير من الأحيان يعتبر الطرح الأولي من أسهل الطرق لتحقيق ربح عال في الأسهم على المدى القصير، وتبقى الصعوبة في كيفية الحصول على العدد الكافي من الأسهم عند الطرح الأولي.
وبسبب الربح العالي على المدى القصير يخطئ بعض المستثمرين في فهم كيفية الاستفادة من الطرح الأولي حيث إن الربح المتوقع يأتي عادة من نصيب الذين يحصلون على الأسهم قبل نزول الأسهم للسوق، والذين عادة يقومون ببيعها في الأيام الأولى من الطرح، لا في يوم نزول الأسهم إلى السوق.