المال والاستثمار في الأسواق المالية

الدكتور فهد الحويماني

الفصل التاسع عشر: متفرقات - الجزء الثاني متفرقات

نستعرض في هذا الجزء أشهر انهيارات الأسواق المالية، قصص الشركات المفلسة، وصناديق التحوط.

أشهر انهيارات الأسواق

انهيار عام 1929

وصل مؤشر [داو جونز] في 3 سبتمبر 1929 إلى 381 نقطة كنتيجة حتمية للثورة الصناعية الأمريكية واشتهار الأسهم بين الناس في ذلك الوقت، مما حدا بالكثير لاستخدام الشراء عن طريق حساب الهامش (Margin).

الانهيار الكبير: في 28 أكتوبر سقط المؤشر 13% وأتبعها مرة أخرى بسقوط بنسبة 12% في 29 أكتوبر، وأخيراً بنسبة 11% في 30 أكتوبر. ليحقق المؤشر إجمالياً بلغ حوالي 30% عما كان عليه في سبتمبر.

أسباب الانهيار كثيرة، منها الاعتماد الكبير على حساب الهامش دون ضوابط صارمة لمنع الحصول على مبالغ ضخمة تفوق رأس المال بعدة أضعاف، إلى جانب عدد من المشاكل المصرفية.

النتائج: لم يعد [داو جونز] إلى سعر ما قبل الانهيار إلا بعد 25 عاماً! بل الأسوأ من ذلك أن المؤشر واصل الهبوط على مدى الثلاث سنوات التالية ليحقق خسارة إضافية بحوالي 50% من قيمته في أكتوبر 1932.

انهيار عام 1987

وصل مؤشر [داو جونز] في 25 أغسطس 1987 إلى 2,722 نقطة، ومن ثم بدأ بالهبوط الخفيف إلى أن انخفض حوالي 15% خلال الشهرين التاليين.

الانهيار الحقيقي: حدث في 19 أكتوبر عندما هبط [داو جونز] أكثر من 500 نقطة خلال اليوم ليستعيد بعض الشيء ويغلق بخسارة 508 نقاط، أو ما يعادل 22.6%، وبذلك تخسر السوق لذلك اليوم حوالي نصف تريليون من القيمة السوقية الإجمالية!

من أهم أسباب الانهيار الخوف الشديد الذي اعترى جموع المستثمرين وجعلهم يقررون البيع في الوقت نفسه، دون أن تكون هناك سيولة كافية لامتصاص هذا الخوف.

انهيار عام 2000

ارتفعت الأسهم خلال التسعينيات إلى أن بلغت أعلى درجاتها في مارس 2000 حين تجاوز مؤشر [نازداك] 5,000 نقطة. ثم بدأ بالانهيار على دفعات ابتداء من 14 أبريل بسقوط بلغ نسبة 9% في يوم واحد.

الانهيار الكبير: سقوط آخر في 24 أبريل بنسبة 6%، وأخيراً سقوط في 4 أبريل بنسبة حوالي 7%. ليخسر المؤشر حوالي 25% عن أعلى سعر حققه في الشهر السابق.

كانت الأسباب كثيرة ولكن ربما أهمها أن أسهم التكنولوجيا بلغت قيماً خيالية بسبب ثورة الإنترنت كصناعة جديدة وأسلوب جديد لتطوير الأعمال وتقليص التكلفة.

سقوط شركة إنرون

يعتبر انهيار شركة إنرون الذي حدث في نوفمبر 2001 وما عقبه من إفلاس أكبر إفلاس في تاريخ الولايات المتحدة.

بداية الشركة: بدأت شركة إنرون كشركة مختصة في الغاز الطبيعي، وسرعان ما كبرت الشركة ودخلت في مجالات أخرى كتجارة الكهرباء والسلع الآجلة والتجارة الإلكترونية وشبكات الحاسب عالية السرعة.

حققت الشركة في عام 2000 مبيعات تجاوزت 100 بليون دولار لتكون سابع أكبر شركة في أمريكا، وكانت عاشر أكبر شركة من حيث القيمة السوقية.

بداية المشاكل: في 16 يناير 2001 أعلنت الشركة أنها سوف تحقق أرباحاً أعلى من توقعات المحللين الأمر الذي دفع بسعر السهم لما فوق 80 دولاراً.

أعلنت الشركة نتائجها المالية في 16 أكتوبر معلنة عن خسارة في الربع الثالث. وبعد ذلك بأيام قليلة قامت هيئة الأوراق والأسواق المالية SEC بمراجعة سجلات الشركة لتكتشف العديد من المخالفات المحاسبية والمالية.

الإفلاس: اكتشاف خسائر مالية بلغت 600 مليون دولار منذ عام 1997. بعد ذلك واصل سعر السهم الهبوط إلى أن بلغ 26 سنتا حيث أعلنت الشركة إفلاسها في 2 ديسمبر 2001.

سقوط بنك بيرنجز

قصة انهيار بنك بيرنجز من أغرب القصص المالية وأشهرها نظراً لأن سقوط البنك تم على يد شخص واحد عمره لم يتجاوز الثلاثين عاماً حينها، وهو نك ليسون (Nick Leeson).

نك ليسون: كان يعمل في فرع البنك في سنغافورة بوظيفة متداول، ولكنه كان ذكياً للغاية وملماً بالأسواق الآجلة وعقود الخيار، مما جعل البنك يثق فيه ثقة كبيرة.

كان نك ليسون يعمل في ساحة التداول وفي إدارة الحسابات بنفس الوقت، وهذه قد تكون أكبر خطيئة قام بها البنك، وهي درس قديم ومعروف في المؤسسات المالية حيث يحذر دائماً من إعطاء شخص واحد صلاحيات متعددة.

حساب 88888: قام ليسون بإنشاء حساب أعطاه رقم 88888 وجعله مكاناً لاحتواء الأخطاء الناتجة عن التداول. ولكن ليسون قام بأكبر من ذلك حيث بدأ يتلاعب في حجم الأخطاء وبدأ يسحب مبالغ كبيرة من بنك بيرنجز في لندن.

في نهاية المطاف قام مدققو الحسابات بتضييق الخناق عليه، واكتشف ليسون أنه في وضع لا يحسد عليه حيث كانت الخسائر الإجمالية في حينها حوالي 1.4 بليون دولار أمريكي.

العقوبة: فر ليسون وزوجته ليسا إلى دولة مجاورة ومن ثم إلى ألمانيا حيث تم اعتقاله في مطار فرانكفورت، ومن ثم تم ترحيله إلى سنغافورة حيث حكم عليه بالسجن لمدة ستة أعوام ونصف العام.

صناديق التحوط

بالرغم من أنه يطلق على هذا النوع من الصناديق بصناديق التحوط أو الحماية إلا أنه في واقع الأمر لا يقصد بأنها صناديق قليلة المخاطرة أو أنها تستثمر أموالها فقط في الأدوات الاستثمارية الآمنة.

تعريف صناديق التحوط: هي عبارة عن محافظ مالية تدار من قبل خبراء ماليين متميزين، لديهم معرفة جيدة في سبل الاستثمار المختلفة، يقومون باستثمار ما تحت إدارتهم من أموال بطرق مختلفة.

تشمل طرق الاستثمار:

  • البيع المُسبق (Short Selling)
  • الاقتراض
  • الدخول في فرص استثمارية جديدة ومتعددة ومعقدة
قيود مهمة: هذه الصناديق ممنوعة نظاماً من الإعلان عن خدماتها، ولا يسمح لمن يديرها بالتحدث عنها والترويج لخدماته، ويعود ذلك لكونها شركات استثمارية محدودة تمنعها هيئة الأسواق المالية SEC من الإعلان حماية لأموال المستثمرين من الأفراد.

لا يجوز تسجيل أكثر من 500 شخصاً في هذه الصناديق، الأمر الذي يجعلها غالباً لا تقبل اشتراك الأفراد بأقل من 250 ألف دولار، ومعظمها يشترط مليون دولار وأكثر.

الأداء المتميز: حققت هذه الصناديق عوائد مالية متميزة خلال السنين الماضية مقارنة بالمؤشرات الرئيسية. على سبيل المثال، كان العائد المتوسط لصناديق التحوط خلال الأعوام الخمسة 1995-2000 يساوي 21.5%، مقارنة بـ 18.1% لمؤشر S&P 500.

الهدف الأساسي لصناديق التحوط هو محاولة تحقيق عائد مطلق وليس نسبي، أي إن ما يقوم به مدير الصندوق هو تحقيق عائد إيجابي بغض النظر عن وضع السوق!