المال والاستثمار في الأسواق المالية

الدكتور فهد الحويماني

الفصل الثامن: الجدوى من تحليل الأسهم

بقلم: الدكتور فهد الحويماني

الاستعانة بالمحترفين

سؤال مهم

قد يسأل سائل عن مدى أهمية بذل كل ذلك الجهد لمن أراد أن يستثمر عن طريق مدير محفظة أو عن طريق أحد محترفي السوق أو عن طريق وسيط الخدمة الكاملة. أليس الأمر في غاية البساطة؟

الجواب عن هذا السؤال نعم، إن بالإمكان الاعتماد بشكل كلي أو جزئي على هؤلاء الخبراء. ويحدث ذلك كثيراً في الأسواق المالية، والذي بسببه ظهر قطاع الخدمات والاستشارات المالية في كل مكان. فنجد بيوت الاستثمار التي تقدم خدمات المتاجرة في الأسهم، ونجد دور وسطاء الخدمة الكاملة، ونجد ناشري رسائل النصح والإرشاد في كيفية التعامل مع السوق، إلى جانب من يقدم خدمات اختيار الأسهم وتوقيت الدخول والخروج منها.

لكن السؤال الحقيقي هو كيف نجد من يتقن هذه المهام بالشكل الصحيح؟ وهل تتناسب طرق وأساليب هذا الشخص، أو تلك الجهة، مع الأسلوب الذي يناسبنا؟ وهل درجة المخاطرة مناسبة؟ وهل الفترة الزمنية التي يبني هذا المختص قراراته عليها مناسبة لنا؟ وكيف نعرف إن كان الشخص يعمل لصالحنا ويبذل الجهد المطلوب؟

تحذير مهم

إذا عرفنا أن بعض هؤلاء المحترفين يحققون أرباحهم عن طريق عمولات البيع والشراء بغض النظر عن أداء الأسهم التي ينصحون بها، نجد أن الجواب ليس بغاية السهولة.

وطبيعي أنه في حالة توفر هذا المحترف المطلوب واقتناعنا بقدراته فقد يكون الاستثمار عن طريقه هو الحل المناسب. وبديهي جداً أن الهدف الحقيقي من الاستثمار في نهاية الأمر هو تحقيق العائد المالي المطلوب، فإن تحقق ذلك عن طريق شخص آخر بدلاً منا فهذا هو عين الصواب.

طرق تحليل الأسهم

لحسن الحظ إن عملية تحليل الأسهم تخضع بشكل كبير لطريقتين فقط: التحليل الأساسي (Fundamental Analysis) والتحليل الفني (Technical Analysis).

التحليل الأساسي

يعتمد على دراسة جميع جوانب الشركة التشغيلية والمالية والتسويقية وأداء مجلس إدارتها ومديريها التنفيذيين والفنيين وغير ذلك من التفاصيل الخاصة بالشركة.

التحليل الفني

يعتمد بشكل كبير على ظاهر الأمور في الوقت الحاضر وما تم اكتشافه من حركات وتصرفات تمت في الماضي.

التحليل الأساسي

التحليل الأساسي يفحص بشكل دقيق جميع جوانب المخاطرة الناتجة عن الاستثمار في الشركة المراد الاستثمار بها، وتأتي هذه المخاطرة من الشركة نفسها (Company Risk) ومن السوق نفسه (Market Risk).

مخاطر الشركة
  • عدم قيام الشركة بمهامها التجارية بالشكل المطلوب
  • ظهور بديل أفضل لمنتجات الشركة أو خدماتها
  • اعتماد الشركة على مشترٍ معين أو مورد معين
  • المخاطر التي قد تعيق نمو الشركة
مخاطر السوق
  • الوضع العام للسوق والاقتصاد
  • التشريعات الحكومية
  • المشاكل الدولية المختلفة
  • التضخم والبطالة

فربما تكون الشركة بأحسن حال ومنتجاتها ناجحة للغاية، ولكن قد يتغير الوضع الاقتصادي للبلاد، وقد يسود الاقتصاد جو من الركود أو الكساد مما يحد من قدرة المشترين لمنتجات الشركة.

التحليل الفني

أما بالنسبة للتحليل الفني للأسهم فهو يختلف تماماً عن التحليل الأساسي، حيث يعتمد بشكل كبير على ظاهر الأمور في الوقت الحاضر وما تم اكتشافه من حركات وتصرفات تمت في الماضي.

فتجد أن المحلل الفني يركز على:

  • حركة سعر السهم
  • كمية التداول
  • اتجاه مؤشرات السوق الفنية
  • الحقائق والأرقام التي حدثت في الماضي
الافتراض الأساسي للتحليل الفني

إن الافتراض الذي ينطلق منه المحلل الفني هو أن حركة الأسعار تتبع مسارات معروفة تأتي على شكل نماذج معينة تتكرر باستمرار، أي أن التاريخ يعيد نفسه وإن المطلوب فقط هو اكتشاف هذه النماذج مبكراً وإتباع ما توحي به.

مقارنة بين المحلل الأساسي والمحلل الفني

يمكن تشبيه الفرق بين المحلل الأساسي والمحلل الفني بالحالة الافتراضية التالية. لنفرض أن هناك سوقاً كبيرة جداً لبائعي الملابس تتكون من مئات البائعين وآلاف المشترين المتواجدين في ساحة دائرية كبيرة.

المحلل الأساسي

هو ذلك الشخص الذي يمر على المحلات بهدوء تام بحثاً عن شيء يشتريه. فتراه يمد يده إلى قميص قطني ويفحصه بيديه لمعرفة جودة قماشه وهل هو قطن خالص أم ممزوج، وهل هو من إنتاج مصر أو الهند أو إحدى جزر الكاريبي.

ثم قد ينظر إلى قوة خيط التفصيل وأنواع الأزرة المستخدمة والشركة المصنّعة وجودة التصميم ومتانة القميص وقوته. بعد ذلك يقوم بمقارنة القميص مع قمصان أخرى في محلات أخرى ويقوم بمقارنة الأسعار.

المحلل الفني

في مكان آخر من هذه الساحة نجد المحلل الفني يقوم بعملية مغايرة تماماً لنظيره الأساسي. فهو في الواقع لا يعرف ماذا يريد أن يشتري ولا يعنيه ما سيشتري. بل هدفه الوحيد معرفة الشيء الذي يبدو أن أكثر المتسوقين متجهين لشرائه.

ليقوم بشرائه على أمل أن يتزايد عدد المشترين لاحقاً مما يؤدي إلى ارتفاع السعر، ويستطيع هو البيع بسعر أعلى من سعر الشراء. وقد يراقب السوق لفترة طويلة ويحاول أن يعرف الشيء الذي تم شراؤه أو بيعه بشكل ملفت للنظر.

الفرق الأساسي

المحلل الأساسي: يقوم بشراء القميص نتيجة اعتقاده بأن السعر الحقيقي للقميص يستحق أكثر من سعره الحالي وإن باستطاعته بيعه في وقت لاحق بسعر أعلى عندما يكتشف بقية المتسوقين جودة هذا النوع من القمصان.

المحلل الفني: لن يُقبل على شراء هذه القمصان حتى يرى بعينيه الكثير من الناس بما فيهم المحللين الأساسيين وهم يتدافعون لشراء القميص. عندها يعلم بأن المحللين الأساسيين قد اتفقوا على قرار معين ويستطيع هو بدوره مشاركتهم "الغنيمة".